Saturday, July 6, 2013

السياسة في الإسلام: الشورى والديمقراطية كمدخل



يهدف هذا المقال لإخضاع الشورى* والديمقراطية، تعريفا وآلية للمقارنة، من خلال استخدام ثلاثة منهجيات للإجابة، وهي التعريف والجوهر والآلية.

يطرح البعض مقولة أن الشورى في الإسلام هي نظيرة للنظام الديمقراطي الحديث، وبالرغم من اختلاف تعريفات الديمقراطية من الناحية العلمية كما ورد في الأدبيات، من الناحية المنهجية كي يمكننا من حيث المبدأ أن نفرّق بين الاثنان، الشورى والديمقراطية هو ببساطة استعراض تعريفهما، الديمقراطية ـكما ذكرت ـ بالرغم من غياب تعريف موحّد لها إلا أن من الممكن وصفها بتعريف بسيط وهو أن تكون إدارة الدولة ورقابتها حق لكل مواطن في الدولة الحديثة، أما الشورى فهي غالباً مسنودة تاريخياً لأمرين، نصاً مقدساً و روايات، يتجلى النص القرآني ب"وامرهم شورى بينهم" والروايات هي ما روي عن التاريخ الإسلامي في شأنها، من خلال استعراض التعريفين، هل الشورى هي الديمقراطية في الإسلام؟ من الناحية التاريخية، من غير الممكن منطقياً أن نقول بهذه البساطة أن الديمقراطية هي الشورى في الإسلام، لعدة أسباب محورية، أبرزها هي عدم وجود وجود اتفاق تاريخي شرعي حول مفهوم الشورى في الإسلام، صحيح من الناحية الشرعية ثمة آيات تحث على الشورى، إلا أن الشورى المذكورة في النصوص القرآنية كـ "وامرهم شورى بينهم" لا يمكن وصفها بأي حال من الأحوال بأنها هي الديمقراطية بعينها، أما الروايات التاريخية واستدلالها بأنها شورى بالتالي هي ديمقراطية تباعاً، فهي تعكس لنا من الناحية العملية غياب جوهرية الشورى، من جانب آخر، إن الشورى كمصطلح قرآني اختلف تفسيره من مفسّر وفقيه إلى آخر، وهنا من الممكن أن يسأل البعض، أن هذا حقٌ أصيل، فالاختلاف في تفسير الشورى موجود حتى في تفسير الديمقراطية، وبالرغم من مشروعية هذا التساؤل إلا أنه غير دقيق من الناحية المنهجية، ذلك أن الديمقراطية، وبالرغم من اختلاف آلياتها، هي ذات جوهر واحد وترتكز على التداول السلمي للسلطة علاوة على مشروعية كل إنسان في المشاركة السياسية، أما الشورى شروحاً وتفسيراً لا تلتقي والديمقراطية، لهذه الأسباب:

1- أن غالب المفسرون أوكلوا الشورى لجماعة سمّيت بأهل الحل والعقد، وهذه الجماعة ليست من عامّة الناس بل لها شروط كالعدل والعقل وغيرها من الملزمات، وبهذا تتناقض والديمقراطية التي تعطي حق المشاركة لكل الناس.
2- أن الديمقراطية الحديثة تتيح فرصة المشاركة السياسية لكل مواطن بصرف النظر عن عقيدته في الدولة الحديثة، أما الشورى فهي حصر على المسلم.
3- أن الديمقراطية تشارك فيها المرأة والرجل، أما الشورى فهناك كما قرأت في أدبيات الفكر السياسي الإسلامي، أنها لا تجيز مشاركة المرأة.
4- أن نظام الخلافة في الإسلام، كما جاءت في أدبيات الفكر الإسلامي والروايات هي لمن ينتسب لقريش، أما الديمقراطية فلا تأخذ بجوهرية النسب والقبيلة.
5- أن الديمقراطية تتسق وتتوافق مع المواطنة، بل وأكثر استقراراً بها، أما الدين فلم يعرف المواطنة، وبالرغم من أن هذا بحث آخر إلا أن من الممكن أن نقول أن الشورى بمفهومها التاريخي تتقاطع مع المواطنة.

خلاصة القول، أن مقولة الشورى هي الديمقراطية في الإسلام هي مقولة غير دقيقة من الناحيتين المنهجية والتاريخية، ووفي ختام المقال، من الممكن ان نغّير صيغة السؤال، فنقول أن الشورى من الممكن أن تكون ديمقراطية؟ بالرغم من عدم وجود دواع لمثل هذا الأمر، إلا أن من الممكن، من الناحية الفكرية أن نفسّر النصوص الشرعية المذكورة في الشورى لما يتقارب والديمقراطية وهذا ما يُعرف ب"التجديد" في الفكر الديني، في حين صعوبة القيام بمثل هذا الأمر لعدم وجود مفكرين معتبرين في الفكر السياسي الإسلامي في هذا الوقت، فضلاً عن غياب مفكرون يكترثون لهذه المسألة ـحسب اطلاعي إلى الآن ـ، يعسُر من الناحية العملية أن يكون هذا الأمر ممكناً.



*تنويه، الشورى تفسيراً وآلية في المقال أعلاه تخص غالب الفرق الإسلامية باستثناء الشيعة الإمامية فلا شورى لديهم من الناحية المبدئية، ذلك أن الخلافة\الإمامة محصورة تنصيباً ونصاً من الله كما ترد أدبيات الشيعة الاثني عشرية لاثنى عشر شخصاً، فالمسلم، بطبيعة الحال لدى الفكر السياسي الإمامي لا يشترك في اختيار إمامه بل عليه الطاعة فقط لا غير، وبالرغم من تطوير الفكر السياسي الشيعي الذي طرأ في كتابات النائيني - الجزيني - الخميني والذين أشركوا الناس في السياسة لاحقاً حتى لا تفقد الإمامية كفرقة إسلامية حضورها وتجديدها، علماً بأن التطوير الذي أحدثوه من أُنف ذكرهم لا يؤمن به سائر الإمامية، على أية حال، الحديث في هذه المسألة يطول، وسيُخصص له مقالاً منفرداً في الوقت المناسب.

No comments: