Monday, July 22, 2013

الحكومة تصالحت مع الرموز و حاربت الشباب

مجرد قراءة سريعة للأحداث الأخيرة من مصالحة للحكومة و بعض القوى السياسية (بعض المستقّلون و التيارات المدنية الليبرالية "مجازاً" التحالف الوطني كنموذج) أما التيار المدني الليبرالي كالتحالف الوطني فكانت مقاطعته الأخيرة باستحياء، بل وكانت مقاطعتهم، برأيي الشخصي خجولة و علمت أن هناك من طالب المشاركة ترشيحاً وانتخاباً في انتخابات المجلس المُبطل 2، هذا التيار حاول تضليل البعض بحجّة أنه لا يعرف مدى قانونية المرسوم، وبعدما جاء قرار المحكمة الدستورية الأخير وحكمها بتحصين المرسوم فقرر المشاركة، وبهذا سيعود التحالف الوطني كتيار تجاري-حضري إلى واجهة المشهد السياسي مباركاً لحكم الدستورية، وبهذا ستكسب الحكومة الجولة على الحراك السياسي وأطرافه حيث أنها أطاحت بتيار بالرغم من عدم فعالّيته على المستوى العملي إلا أنه مهم على مستوى هويّة البرلمان فضلاً عن أهمية وجود قاعدته كرقم حتماً سيزيد من نسبة المشاركة وتباعاً ستقل المقاطعة، أما على مستوى القوى السياسية ذات الأبعاد الاجتماعية كالقبائل، يتبّين لنا أن الحكومة توجهّت نحو المصالحة بعدما جاءت المقاطعة ناجعة وكبيرة في انتخابات المجلس المُبطل الثاني بالذات مع القبائل الكبيرة في الكويت، وجرت المصالحة مع أبرز القبائل التي قاطعت انتخابات المجلس المبُطل 2،و من التناقضات الغريبة في الحكومة هو أنها دائماً تنادي بشعاراتها بضرورة الالتفاف حول الوطن والمواطنة، حين أنها تنقض ذلك من خلال محاولة تثبيت قوّة المشيخة القبلية، ذلك أنها وكما تظن، أن المشيخة القبلية لازالت كالسابق، حيث يكون  لأمير القبيلة أمر فيكون قراره محل ترحيب وطاعة عمياء، الأمور ليست كذلك، إن كان من في الحكومة يتفّكر.

على أية حالة، تحاول الحكومة الآن أن تغير من حلفائها السياسيين من خلال ما سأسميه بسياسة "الاحتواء والانفصال" فهي تحاول أن تحتوي حلفاء لهم قاعدة اجتماعية كبيرة كمدنيي الحضر (التحالف) و رموز القبائل، في مقابل التخلّي السياسي عن التيار السياسي الشيعي وبعض وجوهه، ويتبيّن لنا هذا في تصريحات النائبين السابقين كعبدالحميد دشتي والسيد حسين القلاف، وامتعاض كل من د. معصومة المبارك و فيصل الدويسان من تصرّفات الحكومة، كما أن أحد مؤشرات الانفصال الحكومي-السياسي (المبدئي الآن والحتمي في المستقبل) هو استضافة القنوات الموالية-دوماً للحكومة كالعدالة لشخصيات سياسية مقاطعة كالنائب السابق وعضو المنبر الديمقراطي المُقاطع للانتخابات صالح الملا، إذ أن من الغرابة في وقت انتخابات يفترض أن تكون القنوات الحكومية والموالية لها في أشد حالاتها دعوة للانتخابات، تأتي هذه القناة كي تستضيف شخص يطرح آراء حول المقاطعته وأهميتها و اشكالات حكم الدستورية المحصّن لمرسوم الصوت الواحد، وهذا لمؤشر على أن التحالفات قد تتجه نحو التغيير قريباً، و بهذا يبدو أن الحكومة تتوجّه نحو المصالحة، وفعلاً نجحت في استقطاب جزء كبير (حضر،قبائل) كما ألحظه ممن كان مقاطعاً في الانتخابات الماضية وقرر المشاركة في هذه الانتخابات، و حتماً أن نسبة المشاركة ستزيد عن ما كانت عليه في الانتخابات الماضية، في حين أن جاء التصالح الحكومي سياسي-اجتماعي، تحارب الحكومة الشباب في الجانب الآخر وتلاحقهم من خلال مقاضاتهم بسبب تغريدات تُكتب من هناك وهناك في عالم افتراضي وفي موقع يتيح حريّة التعبير، وبهذا لا يمكن أن نفهم أن الحكومة جديّة في مصالحتها طالما أنها كانت تحارب الشباب وتلاحقهم بإسم القانون، في حين أن الحراك السياسي الأخير كان حراكاً شبابياً بامتياز.

ظنّت الحكومة أن ثقل الحراك كان بمقاطعة التيار الوطني (التحالف) وبعض المستقلّون ممن لهم ثقل سياسي-اجتماعي-تجاري والقبائل (بشكل أكبر) وبهذا فإن تشرذم الحراك وعدم تنظيمه مقابل نيّة المشاركون-الجُدد للمشاركة في الانتخابات، سيظل الحراك تائهاً والمشاركة بازدياد، أما حريّات التعبير فلترقد بسلام في ظل حراك يُخترق بهذه الصورة و عقول تستخف بالناس بإسم القانون، وتستمد الحكومة قوّتها من مشروعية الملاحقة القضائية للشباب عبر ما يُكتب في تويتر من عدم وجود قواعد سياسية أو جذور اجتماعية-تجارية كبرى للمغردين في تويتر، فمن خلال عدم تأثير هؤلاء على الساحة السياسية، كما ترى الحكومة، ومن جانب آخر لا ثقل لهم وقاعدة نوعّية وكمّية مؤثرة، تحاول الحكومة أن تُعاقب هؤلاء من خلال ملاحقتهم وملاحقة نواياهم أيضاً فالمسألة لم تقف عند العبارات المباشرة بل الدخول في النوايا وتفسيرها، وبهذا فالحرية ككلمة تصبح شكل بلا مضمون لا لون لا رائحة لا طعم، وبهذا الحكومة نجحت إلى حد كبير في المصالحة مع رموز السياسة والمجتمع في الكويت وحاربت القطاع المهم والأهم، الحاضر والمستقبل، وهم الشباب، إن المصالحة، أي مصالحة كان ينبغي أن تكون مع الشباب ولهم، مصالحة مع الحريةّ، حرية التعبير والرأي، دون ذلك فلا قيمة لها.

No comments: