Thursday, July 18, 2013

الاحتكاك مع المتعصّب.. تجربة جيدة برغم سوئها

أؤمن بأن التجارب السيئة تحمل برغم كل سلبياتها، إلا أنها تحمل قدراً من التبعات الإيجابية، ذلك أننا لا يمكن أن نتعلم و نتفكّر، ونستمر بطرح أسئلة جديدة لطالما كان احتكاكنا محصور على فئة ذات نطاق ضيق وتتكون من نظرائنا في الفكر والتفكير، صحيح، أن ثمة أنواع للتجارب بالذات المتعلقة بالاحتكاك مع من تختلف في الرأي بشكل جذري، فالاحتكاك على سبيل المثال مع المتعصّب الأعمى لخلفياته الاجتماعية، أو كل نوع من أنواع الاختلاف الذي يميّز ويصنّف البشر بناء على معايير غير منطقية  وتُفَرض على البشر بحكم الصدف البيولوجية والاجتماعية و لا شأن لهم في اختيارها كالدين واللون والجنس والعِرق والشكل والطول ونحوها، هذا النوع من الاحتكاك مع هذه الشاكلة من البشر قد يكون سوء الاحتكاك معهم أكثر من ايجابياته، إلا أنه من ناحية أخرى، به من الانعكاسات الناجعة الكثير، ذلك أن من يتعامل مع هؤلاء ويشترك معهم في النقاش، سيعرف بشكل مباشر كيف يفكّر هؤلاء، باعتبار أن التجربة الآن أصبحت مباشرة بين الأول والمتعصّب على سبيل المثال، فهو الآن يأخذ الفكرة من صاحب الفكرة، فيفهم آلية تفكيره و مسببات هذا النمط من الذهنيات، وبالرغم من خيبة الأمل التي تصاحب الطرف الأول المتسامح إزاء ما يتلقّاه من أفكار غير منطقية وتحمل قدراً كبيراً من التمييز والعنصرية، إلا أن النقاش والحوار المباشر بينهما قد يمكّن المتسامح -بطريقةٍ ما- في النقاش أن يُفهم ذاك الشخص بعواقب هذا النمط من التفكير وانعكاساته، ولعل وعسى أن يتأّثر ولو بقدرٍ قليل، حتى إن لم يكن هذا التأثير ظاهراً على شكل إجابة مباشرة، إلا أن التأثير والتأثّر قد يُبان عن طريق ملامح الوجه وتعبيراته، هذا الأمر يعكس مؤشر مفاده أن المتعصّب قد تلقّى فكرة جديدة، وبالرغم من عدم إقراره بمشكلة تفكيره بشكلٍ صريح، إلا أنه  الفكرة لا تزال عالقة في ذهنه، و من يعلم قد تتغيّر آرائه ويبدأ بالقراءة أكثر فأكثر فيتنوّر ذهنه و يتنقىّ من رواسب التعصّب و تبعاته.

 من هذا المنطلق تأتي أهمية الاحتكاك مع من تختلف، فيتبين أن في الاحتكاك مع الخصم الفكري مزايا:
 أولّها أن التجربة تكون مباشرة و لا تكون عن طريق القراءة أو النقل، وبهذا تكون واضحة وأكثر دقّة وعُمق.
 ثانيها أن الاحتكاك يجعل الشخص يفهم كيف آلية تفكير الآخر ومنطلقاته.
وثالها أن في حال الاحتكاك مع الخصوم المتعصبّون قد يسهم المتسامح بغرس بذرة التفكير المنطقي في عقولهم، أملاً أن يكون لهذا الحوار والاحتكاك نتيجة مآلها مزيد من التسامح.

No comments: