ترصد هذه المقالة التمثيل النيابي الشيعي في اخر انتخاباتين بقصد معرفة ذهنية المشاركة السياسية الشيعية في الانتخابات الكويتية، فالهدف يكمن في هذا المقال تحديداً في معرفـــة ذهنية المكّون الإمامي الشيعي فقط، أما المقال القادم قد يستعرض مسببــــات مثل هذه النتائج واشكالاتها، ومن ثم مقالات أخرى حول باقي المكونات من حضر سنّة وقبائل على نفس النمط.
نظراً لعدم نضج التيارات السياسية في الكويت، وغياب المؤسسة الحزبية عن الحياة السياسية لدينا تنهض طبيعة الصراع السياسي-الانتخابي لدينا على شرائح المجتمع من سنّة حضر وقبائل وحضر شيعة، ويستثمر المرشحون فوزهم في الانتخابات غالباً اتكالاً على ثمة قواعد اجتماعية تحدد وصولهم من عدمه على البرلمان، فالقواعد الحضرية السنّية غالباً تعتمد على امتدادها العائلي ومصاهراتها، أما القبائل فهي إما أن تعتمد على نتائج الانتخابات الفرعية، أو الامتداد القبلي للقبيلة، أو التحالف القبلي مع قبائل أخرى في بعض الحالات ومن ثم تبادل الأصوات، أما الحضر الشيعة فلهم تقسيهم الخاص فيما يتعلق بأصولهم الاجتماعية من أصول عربية وفارسية، وتتفرع تقسيماتهم في داخل الأصل نفسه من مراجع دينية يتم تقليدها، ما سبق ذكره لا يعني الغياب المطلق للحصول على أصوات من أطراف اجتماعية أخرى، فثمة تيارات سياسية موجودة أيضاً بالإمكانها أن تستفيد من قواعد قد لا تنتمي وبالضرورة إلى ذات الخلفية الاجتماعية، إلا أن السمة الدارجة لدينا في الانتخابات البرلمانية هو الاعتماد بالدرجة الأولى -كما لاحظت على المستوى الشخصي ومن خلال احتكاكي وقراءتي لآراء محللون النتائج الانتخابية- أن السمة الأبرز للفوز هو الامتداد الاجتماعي غالباً هو العنصر الأول و الناجع والأكثر فعاّلية لضمان وصول المرشح لكرسي البرلمان.
كي نتمّكن من الناحية العلمية أن نعرف طبيعة تفكير ذهنية أي قاعدة اجتماعية في الكويت، بالإمكان أن ننظر ببساطة لمخرجات هذه القاعدة أو الفئة الاجتماعية، فمخرجات الحضر السنّة هي انعكاساً لطبيعة ناخبوهم، كذلك ينسحب الحال على القبائل والشيعة، من الناحية العملية لدينا فيما يتعلق أولاً بالحضر السنّة بالإمكان أن نرى مخرجاتهم متنوعة في انتخابات المجلس المبطل رقم 2 ثم المجلس الأخير لعام 2013، إذ لا يمكن أن نقول أن مخرجات الحضر السنّة كانوا جميعاً من السلف أو ليبراليين، بل كانوا جمعاً مشترك في كلا المجلسين، كذلك الحال مع القواعد القبلية، فبالرغم من طبيعة المجتمع القبلي المحافظ، إلا أنه لا يمكن القول أن مخرجات القبائل كانت تمثل توجه واحد يسهُل الجزم فيه أنهُ دينياً، بمعنى أنه يمثّل السلف أو الإخوان المسلمون كتيارات سياسية، ذلك أن مخرجاتهم جاءت متنوعة، لذلك من الممكن أن نخلُص القول أن مخرجات الحضر السنّة والقبائل جاءت متشابهة من ناحيتين الأولى هي الاعتماد الكبير على البُعد الاجتماعي للوصول إلى البرلمان أما الثانية تكمن في الاختلاف الفكري لنوابهم في البرلمانين، أما الحضر الشيعة فجاءت مخرجاتهم في انتخابات المجلس المبطُل رقم 2 والمجلس الأخير غالباً متشابهة من ناحية وجود عنصر التديّن، باستثناء عضوة واحدة وهي د. معصومة المبارك، إلا أن المخرجات الانتخابية أتت بنواب اشتهر أكثرهم بالتعصّب الطائفي، وهنا اصطلاح التعصّب لا يعني القدح بالضرورة بقدر ما هو اصطلاح يُقصَد منهُ الوصف والتحليل، إذ يشترك النواب الشيعة بهذه المسألة، فببساطة أخذ جولة أرشيفية لتصريحات هؤلاء النواب كلهم باستثناء واحدة من الممكن أن نخلُص إلى القول أن هناك سمة مشتركة بينهم وهي ارتفاع حدّة النبرة الطائفية، إن هذا التمثيل البرلماني للطائفة يعكس أمراً واحداً مفادهُ أن غالب الناخبون الشيعة راضون عن هؤلاء بدليل إيصالهم للبرلمان، فمخرجات الدائرة الأولى باعتبارها دائرة ذات أغلبية إمامية هي مخرجات (سلف-الشيعة) إن جاز التعبير، قد يختلفون في بعض الأشياء والمسميات، إلا أن النمط الذهني واحد وهو استخدام النبرة الطائفية في كثيرٍ من الأحيان وهذا يتجلى في طبيعة مضمون الخطاب content analysis الإمامي، هذه المسألة تعني أن هذه طبيعة تفكير ناخبو الدائرة الأولى من الإمامية، فهم إذاً كناخبين لديهم حس من التدّين، علاوة على ذلك، جاء سقوط النائب السابق د. حسن جوهر في انتخابات المجلس المبطل رقم 1 مجلس أغلبية فبراير بعد نجاحه الدائم في الانتخابات منذ سبعة عشر عاماً كمؤشر على ترجيح كفّة الناخبون الشيعة لحلفاء الحكومة، ذلك أن د. حسن جوهر كانه خطابه دوماً معتدلاً، و جاء موقفه الشخصي الأخير مضاداً لسياسة الحكومة السابقة على عكس سائر نواب الشيعة وقتذاك، ولهذا جرى إسقاطه في انتخابات فبراير 2012 فضلاً عن شن حملة كبيرة ضدّه نظراً لمواقفه المعتدله والتي جاءت على عكس غالب التيار الإمامي في ذاك البرلمان، و من الممكن أن نستخلص مما سبق ذكره أن غالب إن لم يكن كل أعضاء البرلمانات يأتي فوزهم نظراً لامتدادات اجتماعية، إلا أن فوزهم يعكس تنوعاً فكرياً باستثناء الناخبون الشيعة الذين يفضّلون -بناء على طبيعة مخرجاتهم للمجلس المُبطل رقم 2 والمجلس الأخير- إيصال من يستخدم النبرة الدينية-المذهبية في خطابه، وهذا يعكس طبيعة الذهنية الإمامية المتدينة لدى غالب ناخبوهم، أمر آخر ينبغي إيصاله هو أن هناك عدد من الإمامية الذين قد لا يصوتون بالضرورة لناخبيهم وقد يسهمون بإيصال فئات أخرى فأقول أن هذا الأمر وارد ومعروف إلا أن هذا المقال يرصد طبيعة المخرجات الإمامية باعتبار أن غالبهم يصّوت لمن يمثُله في الطائفة تحديداً.